عامر الجعب يجيب على سؤال (متى ستنتهي الحرب؟)
سؤال يطرح في كل مكان داخل غزة وخارجها.
للإجابة علي هذا السؤال المهم لابد من قراءة المشهد بموضوعية بعيداً عن لغة العواطف والشعارات .
حكومة الاحتلال الإسرائيلي وقادة (إسرائيل)، سواء عسكرين أو وزراء أو أعضاء كنيست، كانوا يرفعون شعار الانتصار المطلق الساحق، وهذا لم يتحقق رغم حجم الدمار والقتل والتخريب الذي مارسه جيش الاحتلال ولا يزال في قطاع غزة.
في المقابل ، ادعت حركة حماس وفصائل المقاومة الأخرى منذ السابع من أكتوبر أنها حققت الانتصار في هذه الحرب.
صحيح أن ما حصل في السابع من اكتوبر قد زلزل جدار الكبرياء والعنجهية لدى حكومة الاحتلال وقيادة جيشه ومرّغ أنف قياداته في التراب وكسر هيبتهم ومزق الصورة التي كانوا يتباهون بها علي مستوى المنطقة والعالم.
رغم ذلك أنا أعتقد أنه انتصار مؤقت أو فوز بعدد من النقاط في المعركة منذ بدايتها. هذا ليس تقليلاً مما حدث ولا استخفافاً بما حصل واستمر.
تراكم الإنجازات وتحقيق الأهداف لصالح فصائل المقاومة وتصوير بعض العمليات القتالية وزرع العبوات وتفجير المدرعات، عزز ورفع من معنويات المقاومين وعامة أبناء الشعب الفلسطيني، كذلك ماحصل من عمليات الإفراج عن الأسري لدى المقاومة في الهدنة الأولى التي حصلت والتزام المقاومة بما تم الاتفاق عليه وتنوع عمليات الإفراج وتسليم الأسرى للصليب الأحمر الدولي والصورة التي ظهر عليها الأسرى الإسرائيلين أثناء عملية التسليم وعلاقتهم مع مقاتلي القسام، أضافت إلى رصيد المقاومة نقاطا عديدة اصبحت تتفوق فيها أخلاقياً وإنسانياً على دولة الاحتلال الإسرائيلي وحكومته الفاشية التي أظهرت شاشات الفضائيات كيف تعامل الأسرى الفلسطينيين بطريقة وحشية وغير آدمية لا علاقة لها بأي معايير إنسانية ما كشف وجه دولة الاحتلال الإسرائيلي الفاشي أمام العالم أجمع.
هناك العديد من المحطات التي من الممكن التوقف عندها والتي أضافت نقاطاً لصالح المقاومة أو لصالح دولة الاحتلال الفاشي. مثلا عملية تحرير اثنين من الأسرى في رفح وأربع من الأسرى في النصيرات أضافت نقاطا لصالح دولة الاحتلال الفاشي، وفي المقابل أعتقد أن مقتل عدد من الأسرى الإسرائيلين علي يد قوات جيش الاحتلال يمثل نقاطا تضاف لصالح فصائل المقاومة.
بعيدا عن سرد تفاصيل الأحداث سواء كانت لصالح فصائل المقاومة او لصالح دولة الاحتلال الفاشي، ما هو مهم الآن هو جولة المفاوضات التي تقودها الإدارة الأمريكية وجمهورية مصر العربية ودولة قطر للوصول الي صفقة تبادل للأسرى بناء على مبادرة الرئيس الأمريكي جو بايدن التي أعلن انها مبادرة إسرائيلية لوقف الحرب والإفراج عن الأسرى لدى حركة حماس.
أنا أعتقد أن هذه المرحلة من الحرب ستنتهي قبل نهاية تموز/يوليو الجاري، ستكون الأمورمختلفة، إما ستكون هدنة أو هدوء مستدام باتفاق ورعاية الوسطاء، أو سيكون هناك انسحاب من مراكز المدن والدخول في المرحلة الثالثة من القتال، وهي كما يسميها قادة جيش الاحتلال “الاستهدافات الموضوعية” و “عمليات جز العشب” أي دخول واجتياح أية منطقة في قطاع غزة حسب الحاجة التي يراها جيش الاحتلال وهذا مرتبط بالظروف التي ستترافق مع جولة المفاوضات الحالية .
اعتقد ان رئيس حكومة الاحتلال الفاشي، وكما يؤكد الجميع، غير معني بأية صفقة أو أي وقف للحرب من أجل الحفاظ على مكونات حكومة الإرهاب الفاشي (نتنياهو/سموترتش/بن غفير).
إن نتنياهو سيعمل جاهداً علي المراوغة وتعطيل أي اتفاق حتي تاريخ 24/7/2024 وهو موعد القائه خطابا أمام الكونغرس الأمريكي، وهو يحاول الاحتفاظ بهذه الورقة ليقدمها إلى الإدارة الأمريكية ليكون له تأثير أكبر في صناعة الرأي العام الأمريكي والتأثير على نتائج الانتخابات الأمريكية التي ستجري نهاية هذا العام .
أعتقد أن موضوع معبر رفح ومحور فيلادلفيا الفاصل بين قطاع غزة وجمهورية مصر العربية لا يشكل أي أهمية استراتيجية لدولة الاحتلال ووجودهم فيه مؤقت وبهدف سياسي هو الضغط والتأثير في مجرى المفاوضات والحصول على أثمان مقابل الانسحاب سواء من معبر رفح أو محور فيلادلفيا. كما أعتقد أن المفاوضات التي جرت مع المخابرات المصرية والأمريكية قطعت شوطاً كبيراً ومهماً في الوصول إلى تفاهمات بهذا الخصوص.
فيما يتعلق بالطريق الفاصل بين وسط القطاع وشماله – خط نتساريم – أعتقد أن الاحتلال عازم على البقاء فيه ولو بشكل موقت إلى حين الإفراج عن كافة الأسرى الإسرائيلين، وعلى الرغم من درجات التفاؤل الآخذة في الصعود والهبوط بناء على تصريحات نتنياهو الذي يؤكد ليل نهار أن الحرب لن تنتهي أو لن تتوقف حتى تحقيق أهدافها، وهي حسب تصريحاته “القضاء على حركة حماس”؛ لذلك من المرجح أن يقوم نتنياهو بالإعلان خلال خطابه في الكونغرس الانسحاب من مراكز المدن، ومن معبر رفح ، وبشكل جزئي من محور فيلادلفيا من طرف واحد “كبادرة حسن نية” يقدمها للإدارة الأمريكية ولأعضاء الكونغرس، مع تعهد باستمرار التفاوض من أجل إبرام الصفقة .
في حال تم الموافقة والتوقيع علي صفقة، سواء قبل 24/7 أو بعد هذا التاريخ، أعتقد أن الهدوء المستدام لن يستمر طويلاً حتى لو كان الضامن للاتفاق الإدارة الأمريكية؛ لأن بقاء نتنياهو والحفاظ على حكومة الإرهاب الفاشية هو طوق النجاة لنتنياهو وعدم الزج به في السجن للعديد من التهم التي يحاكم عليها هو وأركان حكومته الفاشية. لا أهمية لحياة الأسرى الإسرائيلين عنده، فوجود عدد من الأسرى الاسرائيليين منذ العام 2014 وحتى العام 2024 هو خير دليل علي ذلك، مع ورود تقارير استخباراتية أن عدد الأسرى الاسرائيليين الـ 120 ما تبقى منهم أحياء أقل من النصف، فإذا تمت الصفقة وتم تحرير 30 الى 35 أسير إسرائيلي، سوف يتراجع ضغط الشارع الإسرائيلي علي الحكومة، ولعل اشتداد القصف علي كافة مناطق قطاع غزة في الأيام الأخيرة وإعادة اجتياح العديد من الأحياء في مدينة غزة ودعوة المواطنين للنزوح إلى جنوب وادي غزة هو جزء من المعركة التفاوضية، حيث أكد نتنياهو وغالانت وعدد من قيادات الاحتلال أن التفاوض تحت النار هو أحد أشكال الضغط علي حماس والتسريع في إتمام الصفقة وعودة الأسرى الإسرائيلين الي عائلاتهم، وهذا يؤكد أن الأيام القادمة ستكون حاسمة ومصيرية على كافة المستويات!