حول فلسطين/ اجتماع استثنائي للأحزاب الشيوعية في البلدان العربية
عقدت الأحزاب الشيوعية في البلدان العربية (الحزب الشيوعي الأردني، الحزب الشيوعي العراقي، الحزب الشيوعي اللبناني، حزب الشعب الفلسطيني، الحزب الشيوعي المصري، الحزب الشيوعي السوري الموحد، الحزب الشيوعي السوداني، الحركة التقدمية الكويتية، حزب التقدم والاشتراكية المغربي، المنبر التقدمي البحريني) إجتماعاَ استثنائياَ يوم الأربعاء الموافق 20 كانون الأول/ ديسمبر 2023.
تناول الاجتماع استمرار العدوان الصّهيونيّ الدموي والشامل على الشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخصوصاً جرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة المحاصر، وأهداف هذا العدوان ومِنْ ضمنها، مخططات تهجير الفلسطينيين ومساعي تصفية قضيتهم الوطنية، وتحديد مهمات العمل المشترك لهذه الأحزاب، من أجل استمرار التصدي للمخاطر الجدية الراهنة لتصفية القضية الفلسطينية، وتهديد أمن وسلامة المنطقة وشعوبنا العربية، والتحديات الكبيرة القائمة جراء ذلك.
وقد وجه اجتماع الأحزاب الشيوعية في البلدان العربية، التحية والتقدير العاليين للمقاومة البطولية في الأراضي الفلسطينية المحتلة كافة، وللصمود الأسطوري لقطاع غزة في وجه العدوان وحرب الإبادة غير المسبوقة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وراح ضحيتها حتى الآن أكثر من (20) ألف شهيد وشهيدة، جلّهم من الاطفال والنساء.
وأكد الاجتماع مجدداَ على الحق المشروع للشعب الفلسطيني وقواه الوطنية في مقاومة الاحتلال وعصابات المستوطنين، وفي اللجوء إلى أشكال النضال كافة، بما في ذلك المقاومة الشعبية والمسلحة، للجم العدوان، وإنهاء الاحتلال، وانتزاع الحقوق الوطنية والإنسانية كاملةً، وفي مقدمتها، الحقّ في تحرير وطنه، والعودة، وتقرير المصير، وإقامة الدَّولة الوطنيَّة المستقلَّة وعاصمتها القدس.
كما حيا الاجتماع، التحركات والأنشطة الاحتجاجية الحاشدة، العربية والدولية، والغضب الشعبي العارم على عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني البشعة، والتضامن غير المسبوق في جميع أنحاء العالم مع نضال الشعب الفلسطيني وحقوقه الإنسانية والوطنية المشروعة والعادلة.
كما حيا دور القوى الشيوعية واليسارية والتقدمية في تلك التحركات الاحتجاجية والتضامنية.
وبعد نقاش موسع ومعمق، أجمعت الأحزاب الشيوعية في البلدان العربية المشاركة في هذا الاجتماع، التأكيد مجدداَ على الآتي:
إن حالة الصمت للمجتمع الدولي إزاء العدوان الصّهيونيّ – الأميركي على الشعب الفلسطيني، وما ارتكبه ولا يزال يرتكبه مِنْ إبادة جماعيَّة وجرائم حرب أخرى مختلفة، وعجزه الكامل عن تحمل مسؤولياته واتخاذ إجراءات عملية وملموسة للجم هذا العدوان وممارساته التي تشكل انتهاكاَ جسيماَ وصارخاَ للقوانين والمواثيق الدولية كافة، والتقاعس عن مساعدة وانقاذ المدنيين الفلسطينيين، شكّل على الدوام وما زال عامل تشجيع لأميركا وحليفها الاحتلال الصهيوني – الاستيطاني الإحلاليّ والعنصري – على مواصلة عدوانهما وجرائمهما الفظيعة، بل وشكل غطاء لكل ذلك.
هذا إلى جانب استمرار حالة العجز (والتواطؤ) العربي الرسمي الذي حال دون اتخاذ موقف عربي موحد، يرتقي إلى مستوى التعامل المفترض مع حجم العدوان والمجازر التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني والمخاطر على قضيته الوطنية، وعلى أمن وسيادة الدول العربية، ولو حتى بحدود تقديم العون الإنساني الكافي لضحايا العدوان في قطاع غزة وضمان إيصاله لهم.
وفي هذا السياق، عبر الاجتماع عن إدانته لتماهي بعض الأنظمة السياسية مع قوى العدوان الصهيوني – الأميركي، والتعاون مع أحلافه العسكرية في المنطقة.
إنَّ إستمرار الاحتلال الصّهيونيّ، ومواصلة جرائمه بحق الشعب الفلسطيني، بدعم من الامبريالية الأميركيَّة وحلف شمال الأطلسي والقوى الرجعية العربية، هو جذر معاناة الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة ومشكلاتها، ومصدر انعدام الأمن والاستقرار فيها. ومِنْ جرَّاء ذلك، تستمرّ الصراعات، وتُحرم الشعوب من العيش بسلام، وسوف تبقى في خطر الوقوع في دوامة حرب شاملة.
إن على المجتمع الدولي (ممثلا بمجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة ومنظماتها ووكالاتها) تحمل مسؤولياته الفعلية بصورة ملموسة لإلزام الاحتلال الصّهيونيّ بالقوانين والمواثيق العالمية، وفي المقدمة منها “اتفاقيات جنيف الرابعة لحماية المدنيين في المناطق المحتلة وفي أوقات الحرب والنزاعات المسلحة”، وكذلك ضمان حقوق الشعب الفلسطيني.
كما إن بعض الدول من أصدقائنا التاريخيين، مطالب بتقديم المزيد من الاستخدام الفعال لمكانته الاقليمية والدولية للتدخل وممارسة أقصى أنواع الضغط الدولي للجم ممارسات الاحتلال الصهيونيّ، ومساندة الحقوق الوطنيَّة والإنسانيَّة المشروعة للشَّعب الفلسطينيّ.
وعليه، فإن الاجتماع الاستثنائي للأحزاب الشيوعية في البلدان العربية، يطالب مجلس الأمن الدولي، وهيئات الأمم المتحدة والمنظمات العالمية كافة، وكذلك جميع الدول من أصدقاء شعوبنا والداعمين للأمن والسلام الدوليين، للتدخل العاجل والشروع باستخدام مكانتها الإقليمية والدولية وقدراتها كافة، من أجل سرعة التحرك والضغط للجم العدوان الصّهيونيّ الفاشي على الشعب الفلسطيني، والوقف الشامل والدائم لإطلاق النار، وفك الحصار كلياَ عن قطاع غزة، وضمان وصول الامدادات والاحتياجات والمساعدات الإغاثية له. وكذلك وضع حد نهائي للممارسات الإرهابية والعنصرية للاحتلال الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني، ولأطماعه التوسعية وتهديداته المستمرة لأمن شعوب ودول المنطقة العربية ومقدراتها وسيادتها الوطنية، بما في ذلك الاعتداءات العسكرية المتكررة على سوريا ولبنان.
كما يتوجه الاجتماع إلى عموم الأحزاب الشيوعية واليسارية والقوى التقدمية والديمقراطية، وإلى الشعوب والحركات التضامنية وأنصار التحرر الوطني، وإلى كل المؤمنين بقيم الحرية والعدالة والأحرار في العالم أجمع، بالدعوة إلى ضرورة مواصلة النزول للشوارع والميادين وتوسيع وتصعيد التحركات الاحتجاجية عبر كل الوسائل الممكنة، للضغط على حكومات بلدانها والمجتمع الدولي، وتنظيم التعبئة الشعبية للنضال ضد الاحتلال والعدوان الصّهيونيّ.
وإنطلاقاَ من كل ذلك، أكدت الأحزاب الشيوعية في البلدان العربية المشاركة في الاجتماع، على المهمات الملحة لعملها ونضالها المشترك، وفق الأولويات الراهنة التالية:
أولاَ: العمل على توسيع التحرك السياسي والكفاحي وتكثيفه، رسمياَ وشعبياَ وبكافة الوسائل والأشكال الممكنة، للضغط على الصعد كافة – في المنطقة وفي كلّ بلد مِنْ بلدان العالم – من أجل سرعة:
أ) مواجهة ولجم العدوان الحربي الصّهيونيّ – الأميركي على الشعب الفلسطيني وحملة الابادة الجماعية التي يتعرض لها وإفشال أهدافها، وإلزام الاحتلال الصّهيونيّ بوقف إطلاق النار بشكل دائم وشامل.
ب) كسر الحصار المفروض على الشَّعب الفلسطينيّ، وفي مقدمة ذلك قطاع غزة، وتأمين دخول جميع الامدادات الإنسانية والمساعدات والاحتياجات الأساسية للقطاع ومؤسساته كافة، ولعموم الفلسطينيين المحاصرين.
ج) التحرك عالميا لفضح جرائم الاحتلال الصهيوني التي ترتقي إلى مصاف جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وإنهاء افلاته من العقاب، ومطالبة المحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق فوريّ في هذه الجرائم، وملاحقة ومحاكمة قادة الاحتلال الصهيوني وقادة الدول الداعم لجرائمه.
ثانياَ: تقديم كل أنواع الدعم الملموس للشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، سياسياَ ومعنوياَ ومادياَ وإعلامياَ وثقافياَ وسوى ذلك مِنْ أنواع الدعم الممكنة، وتعزيز الرواية الوطنية الفلسطينية في مواجهة الرواية الصهيونيةَ وماكينة التضليل الاعلامي – للتحالف الأميركي الصهيوني الغربي – في جميع أنحاء العالم… الخ. إضافة إلى اختراق الأوساط السياسية المضللة أو الملتبسة المواقف، خصوصاً في أوروبا الغربية وأمريكا.
ثالثاَ: توسيع وتصعيد كل أشكال التضامن الرسمي والشعبي والمؤسساتي مع الشعب الفلسطيني في كل بلد من البلدان العربية، وعلى صعيد المنطقة والعالم، والسعي الدائم لوضع القضية الفلسطينية وتحصيل الحقوق الوطنيَّة والإنسانيَّة للشَّعب الفلسطينيّ، على رأس جدول أعمال اللقاءات التنسيقية واجتماعات الاحزاب الشيوعية واليسارية والتقدمية على كل مستوياتها في العالم.
رابعاَ: بذل كل جهد ممكن للضغط بلا كلل أو ملل من أجل دعم تحقيق الوحدة الوطنيّة الفلسطينية وتعزيزها، على أساس وحدة الشعب الفلسطيني وصموده ومقاومته للاحتلال، والالتزام بالدفاع عن حقوقه الوطنية والإنسانية كاملة.
خامساَ: التأكيد على حق الشعب الفلسطيني في المقاومة، وتحرير وطنه، والحصول على حقوقه الوطنية كافة، وفي مقدمتها: حقه في تقرير المصير وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس، والعودة لجميع اللاجئين الفلسطينيين بموجب قرار هيئة الأمم المتحدة 194 الصادر في العام 1948.
سادساَ: الشروع في تنظيم مختلف الأنشطة والفعاليات الضاغطة لتوسيع وتعزيز المقاطعة الشاملة لكيان الاحتلال الصّهيونيّ وجميع منتجاته ومؤسساته ووسائل إعلامه على المستويات كافة، وسحب الاستثمارات منه وفرض العقوبات عليه، ككيان احتلال واستيطان وإرهاب.
سابعاَ: مقاومة التطبيع مع كيان الاحتلال الصهيوني، والمطالبة بإلغاء اتفاقات التطبيع المذلة معه، بصورة دائمة وليس بالارتباط بقضية العدوان ووقف إطلاق النار فقط.
ثامناً: يدين الاجتماع توسّع العدوان الصهيوني ضد لبنان وسوريا واستهداف أراضيهما، ويؤكد على حقهما بتحرير الأراضي المحتلة في شمال وشرق سوريا وفي الجولان ومزارع شبعا وتلال كفر شوبا في لبنان، ويدين الاجتماع كذلك استمرار العقوبات الاقتصادية والحصار الظالم على الشعب السوري. كما يدين كل محاولات تهجير الشعب الفلسطيني إلى مصر والأردن، ويدعو للتصدي لهذا المشروع الإجرامي الخطير.
تاسعاَ: أكد الاجتماع على ضرورة متابعة مخرجاته، ووضعها موضع التنفيذ، ومواصلة التنسيق بين أطرافه، ومتابعة مهمات العمل الملحة على صعيد القضايا المشتركة ذات الأولوية الواردة في هذا البيان.